قد لانستطيع العودة إلى الجوراسي، لنشاهد
الديناصورات ولكن الطبيعة أتاحت لنا التلاعب بالزمن "ولو على نطاق ضيق"
من خلال تغيير المكان او كما يقول علم الفيزياء تغيير المسافة،
ففي حين تنضج الثمار على الساحل السوري
باكراً، إلا انها تحتاج لوقت يزيد عن ذلك شهراً كاملاً على ارتفاع فوق 1000 متر عن
سطح البحر. وبالرغم من أن هذه الحقيقة معروفة منذ زمن بعيد، ليس فقط في هذا المكان
بل في أي مكان من العالم إلا ان التلاعب بالزمن يساعدنا على اختصار الوقت، أو
تكرار المشهد متى أردنا.
![]() |
Allancastria cerisyi |
أوركيد اللسان Serapias orientalis ssp. levantina، نموذج آخر عن هذا الفارق في التوقيت فهو يزهر على الساحل في منتصف نيسان أما في صلنفة فكان ظهوره هذا العام في منتصف أيار.
لكن هذا المشهد قد ينقلب تماماً في فصل
الخريف، فمع اشتداد البرد على الجبل يُبقي الساحل لكائناته فرصة أطول للبقاء ويؤخر
بذلك فرصة ظهور الأنواع الخريفية، ومنها زهرة السيدة العارية Colchicum hierosolymitanum
التي تظهر في "صلنفة" في شهر أيلول، وتتأخر على الجرف الصخري المطل على
البحر في "البدروسية" حتى كانون الأول.
![]() |
Colchicum hierosolymitanum |
هذا الإختلاف الموضعي، لاينطبق فقط على هذه
المنطقة بعينها، فإي تغيّر في المكان، سيرافقة بكل تأكيد تغير في الزمان، وقد يأخذ
أشكالاً مختلفة، فشتاء شمال الكرة الأرضية يترافق مع الصيف في جنوبها، وفي حين ظهر
الإنسان البدائي Homoerectus
في منطقة الليفانت بفترة تقرب المليون سنة، ألا
أن وجوده في أميركا تأخر مئات آلاف السنين.
هذه الإختلافات التي كثيراً ما تشكل عائقاً
في دراسة كائن ما، هي من ناحية اخرى لدى الباحثين ميزة يجب استثمارها. وهكذا تخضع
الطبيعة لقوانين الفيزياء، من نيوتن وحتى أنشتاين ومن بعده.